أنت مسافر ! فما زادك ، وأين راحلتك؟

رسائل وعظية

المصدر : منابر الدعوة

يــا الله " يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " : إذا اضطرب البحر وهاج الموج وهبّت الريح العاصف, نادى أصحاب السفينة : يـا الله . إذا ضلّ الحادي في الصحراء ومال الركبُ عن الطريق وحارت القافلة في السّير, نادوا : يـا الله . إذا وقعت المصيبة وحلّت النكبة وجَثَمت الكارثة، نادى المصاب المنكوب: يـا الله. إذا أوصدتِ الأبواب أمام الطلاّب، وأُسدلت الستور في وجوه السائلين، صاحوا : يـا الله. إذا بارت الحِيَل وضاقت السبل وانتهت الآمال وتقطّعت الحبال, نادوا : يـا الله . إذا ضاقت عليك الأرض بما رحُبَت وضاقت عليك نفسك بما حملت, فاهتف : يا الله. ولقد ذكرتُك والخطوبُ كـوالحٌ سودٌ ووجـهُ الدّهر أَغبرُ قاتمُ فهتفتُ في الأسحارِ باسمكَ صارخاً فإذا محيَّا كُــلِّ فجرٍ باسمُ إليه يصعد الكلم الطيب, والدعاء الخالص, والهاتف الصادق , والدمع البريء، والتفجع الوالِه. إليه تمدُّ الأكُفُّ في الأسحار, والأيادي في الحاجات, والأعين في الملمَّات, والأسئلة في الحوادث . باسمه تشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي, وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح, وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب، ويثوب الرشد, ويستقرُّ اليقين , " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ" . الله : أحسن الأسماء وأجمل الحروف, وأصدق العبارات وأثمن الكلمات , " هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " . الله : فإذا الغِنى والبقاء, والقوة والنُّصرة, والعز والقدرة والحكمة, " لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ " الله : فإذا اللطف والعناية, والغوث والمدد. والوُدُّ والإحسان, " وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ". الله : ذو الجلال والعظمة، والهيبة والجبروت : مهما رَسَمنـا في جَـلالِك أحرفاً قدسيةً تشدو بها الأرواحُ فلأنتَ أعظمُ والمعاني كلُّهـا يا ربُّ عند جلالِكـم تَنـداحُ اللهم فاجعل مكان اللوعة سلوة, وجزاء الحزن سروراً, وعند الخوف أمناً. اللهم أبرد لا عِجَ القلب بثلج اليقين, وأطفئ جمر الأرواح بماء الإيمان. يا ربُّ, ألق على العيون السَّاهرة نعاساً أَمَنةً منك, وعلى النفوس المضطربة سكينة، وأثبها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائر إلى نورك, وضُلاَّل المناهج إلى صراطك, والزائغين عن السبيل إلى هداك. اللهم أزلِ الوساوس بفجر صادق من النور, وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق, وردّ كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسوّمين . اللهم أذهب عنّا الحزن, وأزل عنّا الهمّ, واطرد من نفوسنا القلق . نعوذ بك من الخوف إلاّ منك, والركون إلاّ إليك, والتوكل إلاّ عليك , والسؤال إلاّ منك, و الاستعانة إلاّ بك ، أنت وليُّنا, نعم المولى ونعم النصير. كتاب لا تحزن / الشيخ عائض القرني الإدارة.

أنت مسافر ! فما زادك ، وأين راحلتك؟ بقلم الشيخ الدكتورعبد السلام بن إبراهيم الحصين إنَّكَ في هذهِ الحياةِ مُسافِرٌ إلى الله؛ فهلْ تُطيقُ السَّفَرَ في ظُلمَةِ الليلِ، وضعْفِ الرَّاحِلةِ، وانعِدامِ الأنيسِ، وفُقدانِ الدليلِ، وقِّلةِ الزادِ؟! إنَّكَ مالَمْ تتخِذْ صَاحِبًا ودلِيلًا، وتتزودْ زادًا كافِيًا وسلِيمًا، وإلا مللتَ المسِيرَ، وضللتَ الطريقَ، وسقطتَ في وسطهِ . وفي غمرةِ البحثِ، وكثرةِ الطُّرقِ، واختلافِ المزاودِ والرواحلِ لن تجدَ كالقلبِ السليمِ، المملوءِ باليقينِ، والصلةِ بالله، راحلةً لا تنقطِعُ أبدًا، ولنْ تجدَ زادًا كزادِ التَّقْوى، لا تُنفِقُ منهُ إلا ربا أضعافًا مُضاعفةً، ولن تجدَ كالعلمِ الصحيحِ يهديكَ في ظُلماتِ الليلِ البهيمِ؛ فهذهِ راحتُلكَ، وهذا زادُكَ، وهذا دلِيلُكَ. إنَّ الواقِعَ الذي يعيشُهُ العبدُ قد يقطَعُ عليه الطَّريقَ، ويحولُ بينهُ وبينَ ما يصبُوا إليهِ من طاعَةِ اللهِ وعبادَتِهِِ، والاستقامَةِ على دِينِهِ، بل رُبَّما حملهُ هذا الواقِعُ على فِعلِ ما يكْرَهُ، وتركِ ما يُحِبُّ، وإنَّ نظراتِ الآخرِينَ، وكلماتِهِم، وأفعالَهُم قد تكونُ حائلاً عظِيماً بينَ العبدِ وبين الاستمرارِ في طريقِ النجاةِ، ولكنَّ الله رحِمَ عِبادَهُ، وجعلَ لَهُم مَّن الزادِ والغذاءِ ما يُعينُهم على تحمُّلِ ذلكَ كلِّه، ويسلِّيهِم في سفرِهِم إليه، ويُغنِيهِم عن كلِّ شيءٍ؛ فأولُّ ذلكَ الصِّدقُ معَ الله، وإخلاصُ العملِ لهُ دونَ سِواهُ؛ فالصدقُ سيفُ اللهِ في الأرضِ، ما وقعَ على شيءٍ إلا قطَعَهُ {يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}، ولَنْ تكُونَ صادِقًا إلا بِعِلْمِ صحيحٍ، وعملٍ صالحٍ، قالَ تعَالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَداً}، ثُم الرُِّفقَةُ الصَّالِحَةُ التي تُعينُ على الحقِّ وعلى الصبرِ، قالَ تعالى {والعَصْرِ، إنَّ الإنسَانَ لفِي خُسْرٍ، إلا الذِينَ آمَنُواْ وعَمِلواْ الصَّالِحَاتِ، وتَواصَواْ بِالْحَقِ وتَواصَوا بِالصبرِ}، ثُم الدُّعاءُ ، وهو بابٌ عظيمٌ من أبوابِ النجاةِ في هذا الطريقِ الطويلِ {إياكَ نعبُدُ وإياكَ نستعينُ ، اهدِنَا الصِّراطَ المستقيمَ ..}، {وإذَا سألَكَ عبادِي عَنَّي فإني قريبٌ أُجيبُ دَعوةَ الداعِ إذا دعان..} فكيف شعورُكَ ومن أنتَ مُسافِرٌ إليه قريبٌ منكَ يجيبُ دُعاءك، ويكشِفُ ضُرَّكَ؟! ثم إذا بَذلتَ السببَ فتوكلْ على الله، وتبرأْ من الحولِ والطولِ، وأكثِرْ من قولِ (لا حولَ ولا قُوةَ إلا بالله). فتفقدْ راحلتكَ ، وتزودْ لسفركَ، وانزعِ الغِطاءَ عن عينيكَ، وارفع الْحُجُبَ عن قلبِكَ وأُذُنيكَ، حتى تكونَ ممن يُقالُ فيه {مَنْ خشِيَ الرحمنَ بالغيبِ وجاءَ بقلبٍ منيبٍ ادْخُلُوها بسلامٍ ذلكَ يومُ الْخُلودِ لَهُم مَّا يشاؤنَ فيها ولدينا مزيدٌ}. الإدارة

Commentaires