الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة

jQuery lightslider Plugin Demos

jQuery lightslider Plugin Demos

You can find more examples here.

Image Slideshow Demo



Content slider Demo

  • حديث: "اطلبوا العلم ولو في الصين"

    الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة (30) حديث: "اطلبوا العلم ولو في الصين"[1]. جمهور أهل العلم بالحديث قد حكموا على هذا الحديث بأنه ضعيف من جميع طرقه، وقد بسط الكلام في ذلك الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني رحمه الله في كتابه (كشف الخفا ومزيل الإلباس عن الناس[2] عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) في حرف الهمزة مع الطاء، وعزاه إلى البيهقي والخطيب وابن عبد البر والديلمي وغيرهم عن أنس -رضي الله عنه-، وجزم بضعفه، ونقل عن الحافظ ابن حبان صاحب الصحيح أنه باطل، كما نقل عن ابن الجوزي أنه ذكره في الموضوعات، ونقل عن المزي أن له طرقاً كثيرة؛ ربما يصل مجموعها إلى الحسن، وعن الذهبي أنه روي من عدة طرق واهية؛ وبعضها صالح. وبهذا يتضح لطالب العلم حكم هذا الحديث، وأنه من الأحاديث الضعيفة عند جمهور أهل العلم، وقد حكم عليه ابن حبان بأنه باطل، وابن الجوزي بأنه موضوع، أما قول الحافظ المزي رحمه الله أن له طرقاً ربما يصل بمجموعها إلى الحسن فليس بجيد في هذا المقام، لأن كثرة الطرق المشتملة على الكذابين والمتهمين بالوضع وأشباههم لا ترفع الحديث إلى الحسن، وأما قول الحافظ الذهبي رحمه الله إن بعض طرقه صالح؛ فيحتاج إلى بيان ذلك الطريق الصالح حتى يُنظر في رجاله، والجرح في هذا المقام مقدّم على التعديل، والتضعيف مقدم على التصحيح؛ حتى يتضح من الأسانيد وجه التصحيح، وذلك بأن يكون الرواة كلهم عدولاً ضابطين، مع اتصال السند، وعدم الشذوذ والعلة القادحة؛ كما نبه عليه أهل العلم في كتب المصطلح والأصول. ولو صح لم يكن فيه حجة على فضل الصين وأهلها، لأن المقصود من هذا اللفظ: "اطلبوا العلم ولو في الصين" -لو صح- الحث على طلب العلم ولو بَعُدَ المكان غاية، لأن طلب العلم من أهم المهمات، لما يترتب عليه من صلاح أمر الدنيا والآخرة في حق من عمل به، وليس المقصود ذات الصين، ولكن لما كانت بعيدة بالنسبة إلى أرض العرب مثّل بها النبي -صلى الله عليه وسلم- لو صح الخبر - وهذا بين واضح لمن تأمل المقام، والله ولي التوفيق.[3] [1] تنبيه: تتمة الحديث المذكور أعلاه: "فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم". والكلام الذي نقله العجلوني (1/154) من أحكام الحفاظ -وناقشها سماحة الشيخ- إنما هو على تتمة الحديث -فهو الذي تعددت طرقه، وأفرده غير واحد بالبحث والتخريج- لا أصله المذكور هنا الذي فيه ذكر الصين، فهو حديث مستقل، فخرَّجت أصله الذي ذكره سماحة الشيخ، وأعرضنا عن تخريج تتمته غير المذكورة، لأن استقصاء تخريجه والكلام على علله الظاهرة والخفية يطول. وأنوه أن قدامى الأئمة والعارفين بالعلل لم يغتروا بكثرة طرق حديث طلب العلم، وصرحوا أنها ضعاف ومناكير لا تتقوى، وأنه لا يصح في الباب شيء -كما ذهب سماحة الشيخ هنا- ولم يثبتوه، مثل الإمام أحمد، وابن راهويه، والبزار، والعقيلي، وأبي علي النيسابوري، وابن عبدالبر، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن القطان الفاسي، وابن الصلاح، والمنذري، والنووي، والذهبي، وأول من قواه بطرقه: المزي في القرن الثامن، فالزركشي، والعراقي، والسيوطي، ومن بعدهم من المتأخرين والمعاصرين. يُنظر مسند البزار (1/175 و13/240 و14/46)، وضعفاء العقيلي (2/230)، والعلل للخلال (ص128)، والمدخل للبيهقي (1/242)، والشعب له (1663)، وطلب العلم وأقسامه للذهبي (ص201 ضمن مجموع فيه ست رسائل له)، والمقاصد الحسنة (رقم 660)، والجزء المفرد في الحديث للسيوطي (مع التعليقات عليه)، والروض البسام للدوسري (1/140). [2] كذا في الأصل. [3] حديث: "اطلبوا العلم ولو بالصين، فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم": رواه الخلال في العلل (63 منتخبه) وابن عدي (4/118) وأبونعيم في أخبار أصبهان (2/156) وابن عَلِيَّك النيسابوري في الفوائد (241/2) وأبوالقاسم القشيري في الأربعين (151/1 ذكرهما الألباني في الضعيفة 416) والحسن بن المظفر بن السبط في فوائده (20) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/7-8) والخطيب في التاريخ (9/363) وفي الرحلة (1-3) والبيهقي في المدخل (1/241) وفي الشعب (2/253 رقم 1663 العلمية) والشجري في الأمالي (1/57) ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري في مشيخته (3/رقم 557 و665 و683) والسلفي في المشيخة البغدادية (26/259/ب) والسهروردي في المعارف (رقم 17) وابن الجوزي في الموضوعات (1/215) والرافعي في التدوين (1/492) وابن الدبيثي في الذيل (3/105) والضياء في المنتقى من مسموعاته بمرو (38/أ)، ودانيال في مشيخته (40/ب). كلهم من طريق الحسن بن عطية بن نجيح، عن أبي عاتكة، عن أنس مرفوعا مطولا ومختصرا. وعزاه السيوطي في اللآلئ (1/193) لتمام الرازي، ولم أجده في فوائده وأجزائه المطبوعة. قال ابن عدي: قوله "ولو بالصين" ما أعلم يرويه غير الحسن بن عطية عن أبي عاتكة عن أنس. ونص الحاكم (كما في الموضوعات) والخطيب أن الحسن تفرد به كذلك، إلا أنه رُويت له متابعة: فرواه البخاري في تاريخه (4/357) والدولابي في الكنى (2/23 أصل الحديث، وفيه قصة) والعقيلي (2/230) -ومن طريقه ابن الجوزي- من طريق حماد بن خالد الخياط، نا طريف بن سليمان أبوعاتكة به. قلت: الحسن وحماد ثقتان، وعلته أبوعاتكة، وهو ضعيف جدا، وذكره السليماني فيمن عُرف بوضع الحديث. واتفق الأئمة على إنكار خبره هذا، فقال الخلال: أخبرني الدوري أنه قال: سألتُ يحيى بن معين عن أبي عاتكة هذا فلم يعرفه. ولم أجده في تاريخ الدوري عن ابن معين. وقال الخلال: أخبرني المروذي، أن أبا عبدالله [يعني الإمام أحمد] ذُكر له هذا الحديث فأنكره إنكاراً شديداً. وأورد البخاري له هذا الحديث الواحد ثم قال: منكر الحديث. كما في الكامل لابن عدي (4/118). وقال البزار في المسند (1/175): حديث أبي عاتكة: اطلبوا العلم ولو بالصين"؛ لا يُعرف أبوالعاتكة، ولا يُدرى من أين هو، فليس لهذا الحديث أصل. وساق العقيلي هذا الحديث الواحد في ترجمته، وقال عقبه: لا يُحفظ "ولو بالصين" إلا عن أبي عاتكة، وهو متروك الحديث. وقال ابن حبان (1/382) إن أبا عاتكة: منكر الحديث جدا يروي عن أنس ما لا يشبه حديثه، وربما روى عنه ما ليس من حديثه، وذكر له هذا الحديث. بينما نقل ابن الجوزي والسخاوي في المقاصد (63) عن ابن حبان أنه قال: باطل لا أصل له. وصرح ابن عدي أنه منكر. وضعفه البيهقي في المدخل وفي الشعب. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. وقال الذهبي في الميزان (2/335): هو صاحب حديث اطلبوا العلم ولو بالصين! وضعّفه في تلخيص الموضوعات (110). كما ضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة (125). وقال الألباني في الضعيفة (416): باطل. فهذه حال أشهر طرق الحديث! وله طريق أخرى: رواها ابن عبد البر في العلم (1/9) من طريق يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العسقلاني، ثنا عبيد بن محمد الفريابي، نا ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس مرفوعا بمثل حديث أبي عاتكة. والعسقلاني كذاب، وذكر ابن حجر في اللسان (6/304) الحديث من بلاياه. وضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة (125). وفي طبعة أبي الأشبال للعلم: يوسف بن محمد الفريابي، وهو خطأ. وثمة طريق أخيرة عن أنس جاءت في كتاب موضوع، أذكرها تنبيهاً: فجاء في ترتيب المسند المزعوم للربيع بن حبيب (18) أنه قال: حدثني أبو عبيدة، عن جابر بن زيد، عن أنس بن مالك مرفوعا بالشطر الأول محل الشاهد. وهذا المسند وضعته الأباضية متأخراً، والربيع وشيخه مختلَقان لا وجود لهما؛ كما صرح بذلك جماعة من العلماء والباحثين، مثل الإمام الألباني وشيخنا المحدّث سعد الحميد. • ورُوي محل الشاهد من حديث أبي هريرة، رواه ابن عدي (1/177) من طريق محمد بن كرام، عن أحمد الجويباري، عن الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن عدي: وهذا بهذا الإسناد باطل، يرويه الحسن بن عطية عن أبي عاتكة عن أنس. قلت: آفته الجويباري، قال عنه ابن عدي في الموضع السابق: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده، وكان ابن كرام يضعها في كتبه عنه، ويسميه أحمد بن عبد الله الشيباني! فالخلاصة أن الحديث موضوع، وللعلامة مرتضى الزبيدي مؤلف بعنوان: العقد الثمين في حديث اطلبوا العلم ولو بالصين، ذكره الكتاني في فهرس الفهارس (1/539). وروى ابن الدبيثي في الذيل (1/232 دار الغرب) لطاهر بن محمود الفقيه: تقرَّب إلى الرحمن بالفقه في الدين وعاشرْ عبادَ الله بالرفق واللِّينِ وكُنْ طالباً للعِلمِ بالجُهدِ دائباً وإنْ كنتَ ترجو نيلَ ذلك بالصِّينِ رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/52341/#ixzz4etpUwIVI

  • -حديث: التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -

    الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة (15) حديث: التوسل بجاه النبي- صلى الله عليه وسلم -: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (ج1 صفحة 319): "وروى بعض الجهال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا سألتم الله، فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم"، وهذا الحديث كذب، ليس في شيء من كتب المسلمين التي يَعتمد عليها أهلُ الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث"[1]. [1] هذا الحديث كذب لا أصل له، لم أجده مرويًّا في شيء من الكتب. وكلام ابن تيمية المنقول هو من رسالته في التوسل والوسيلة (ص129)، وقال فيه أيضًا (ص147 وموضعه في مجموع الفتاوى 1/346 ومثله في تلخيص كتاب الاستغاثة ص130): وقد تقدم أن ما يذكره بعض العامة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانت لكم حاجة، فاسألوا الله بجاهي"، حديث باطل، لم يروه أحد من أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب الحديث. وقال في تلخيص كتاب الاستغاثة (ص70-71) عن حديثٍ: فعُلم أنه من أكاذيب أهل الوضع والاختلاق الذين وضعوا من الكذب أكثر مما بأيدي المسلمين من الصحيح، لكن الله فرَّق بين الحق والباطل بأهل النقد العارفين بالنقل علماء التعديل والتجريح، وهذا من جنس ما يرويه بعض العامة: "إذا سألتم الله، فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم"، وهو كذب موضوع، من الأحاديث المشينات التي ليس لها زمام ولا خطام، قال الإمام أحمد: للناس أحاديث يتحدثون بها على أبواب دُورهم، ما سمعنا بشيء منها ..إلخ. وقال الألباني في الضعيفة (رقم 22 والتوسل ص128): لا أصل له. وأطالا - رحمهما الله - في نقض الحديث والكلام عليه من جهة الدراية. وقال محدِّث المغرب أبو شعيب الدكالي الصديقي (ت1356): ليس بحديث، بل هو كلام موضوع؛ (كما في ترجمته المفردة؛ للدكتور محمد رياض 527). وقال أحمد الغماري في در الغمام الرقيق (98): باطل، لا أصل له ولا سند؛ لا موضوع ولا ضعيف. وعدَّه أخوه عبدالله الغماري مما لا أصل له في رسالته إرشاد الطالب النجيب إلى ما في المولد النبوي من الأكاذيب (ص20)، على أنهما ممن يجوِّز التوسُّل الممنوع! رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/50058/#ixzz4etpiBFUS

  • من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه

    شرح سبعون حديثًا (1) 1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه))؛ رواه البخاري. شرح الحديث: قوله: "يصب": قُرئت بوجهين: بفتح الصاد: "يُصَب"، وكسرها: "يُصِب"، وكلاهما صحيح. أما "يُصِب منه"، فالمعنى أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يَبتليه بها؛ أيصبر أم يَضجَر. وأما "يُصَب منه"، فهي أعم؛ أي: يصاب من الله ومن غيره، ولكن هذا الحديث المطلق مقيَّد بالأحاديث الأخرى التي تدل على أن المراد: من يرد الله به خيرًا، فيصبر ويَحتسب، فيصيب الله منه، حتى يبلوَه، أما إذا لم يصبر، فإنه قد يصاب الإنسان ببلايا كثيرة وليس فيه خير، ولم يرد الله به خيرًا؛ فالكفار يصابون بمصائبَ كثيرة، ومع هذا يبقون على كفرهم حتى يموتوا عليه، وهؤلاء لم يرِد بهم خيرًا. ومن يرد الله به خيرًا، فيصبر على هذه المصائب، فإن ذلك من الخير له؛ لأنه سبق أن المصائب يُكفِّر الله بها الذنوب، ويحط بها الخطايا، وذلك خير للإنسان والله أعلم. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/library/0/48861/#ixzz4etpw8I6U

  • (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه (خطبة

    من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه (خطبة) الشيخ أحمد الزومان مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 4/8/2012 ميلادي - 16/9/1433 هجري زيارة: 20925 الخطبة الأولى إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18] أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا أتينا على رجل من أهل البادية فقلنا هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قال نعم سمعته يقول إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه " رواه أحمد و رواته ثقات. فمن ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه في الدنيا أو الآخرة أو فيهما. والقاعدة المطردة في الشريعة الجزاء من جنس العمل فعلا وتركا قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في القواعد والأصول الجامعة ص : 57 من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه وذلك أن العبد مملوك تحت أحكام ربه ليس له من الأمر شيء قال الله تعالى﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36] فإذا تعجل الأمور التي يترتب عليه حكم شرعي قبل وجود أسبابها لم يفده شيئا وعوقب بنقيض قصده ... ومما يدخل في هذا أن من تعجل شهواته المحرمة في الدنيا عوقب بحرمانها في الآخرة إن لم يتب من ذلك منها قال تعالى ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ (20) سورة الأحقاف ويقابل هذا الأصل أصل آخر وهو أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ولم يجد فقده انتهى . فمن رد عليه المبيع لعيب فيه وجب عليه الصلح مع المشتري برد بعض الثمن أو رد الثمن وأخذ المبيع فمن فعل ذلك لله عوضه الله خيرا منه فمن ذلك الربح في السلعة المردودة فعن سالم بن عبد الله: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَر -رضي الله عنهما- بَاعَ غُلامًا لَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما- : بِالْغُلامِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- فَقَالَ الرَّجُلُ: بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ -رضي الله عنه- : بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رضي الله عنه- عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما- أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ -رضي الله عنه- أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَصَحَّ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ رواه الإمام مالك (2/613) وغيره بإسناد صحيح فهذا ابن عمر -رضي الله عنهما- لم يحلف كاذبا وقبل المبيع فعوضه الله خيرا منه فطاب الرقيق وباعه بألف وخمس مائة بدل ثمان مائة .والحذر من الأيمان الكاذبة في البيع فربما صدق المشتري وبيعت السلعة لكن العاقبة خسارة في الدنيا والآخرة فخسارة الدنيا محق البركة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلف مَنْفَقَةٌ للسلعة ممحقة للبركة رواه البخاري (2987) و مسلم (1606). أما الآخرة فالوعيد الشديد فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77] رواه البخاري (2357) ومسلم (138). بعض المباحات قد تترك لله عز وجل. فبعض المباحات يكون الأولى تركها لأنها من المتشابه عند الشخص فتترك لله فعن الحسن بن علي رضي الله عنه وعن آله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ رواه الترمذي (2518) وقال حديث حسن صحيح فسلوك الورع ممدوح إذا كان المتروك من المتشابه حقاً عند التارك بخلاف إذا كان الحامل على ذلك الوسوسة التي من الشيطان وحينما نترك الشيء ورعا لا ننكر على الناس ولا نلزمهم بذلك ففرق بين سلوك الورع وبين تخطئة من لم يسلكه فحينما ذكر البراء بن عازب -رضي الله عنه- حديث أربعة لا يجزين في الأضاحي قال له عبيد بن فيروز إني أكره أن يكون نقص في القرن والأذن قال له البراء -رضي الله عنه- :فما كرهت منه فدعه ولا تحرمه على أحد . رواه أحمد و غيره بإسناد صحيح. بعض المباحات إذا كانت تمنع من العبادة أو من كمالها فتترك لله وإن كانت في الأصل مباحة فمثلا البصل من الأمور المباحة لكن من أكله يمنع من حضور الجماعات حتى تزول الرائحة فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو قال فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته " رواه البخاري (855) و مسلم (564) فمن تركه لأجل عدم الامتناع من الجماعة عوضه الله خيرا منه ومن ذلك ثواب أجر الجماعة التي يجد ذخرها عند ربه. ومن تزوج امرأة ثم كانت الفرقة بسببها جاز له أخذ المهر فإذا تركه لله عوضه الله خيرا منه عوضه الله ربحاً يعوض به ما ذهب من ماله .عوضه الله بامرأة خير ممن فارقها عوضه الله بذكر حسن عند الناس. الخطبة الثانية من ترك المحرمات عوضه الله خيرا منها في الآخرة فعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة " رواه البخاري (5575) و مسلم (2003) و اللفظ له. من ترك الخمر لله عوضه الله خيرا منها في الجنة. ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ ﴾ (15) سورة محمد فيتلذذ بشرب خمر الجنة بخلاف خمر الدنيا فهو كريه الطعم. خمر الآخرة لاصداع بعده ولا قيء بخلاف خمر الدنيا ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾ [الواقعة: 17 - 19]. من ابتلي بالمسكرات و المخدرات ألا يتركُ لذة عاجلة آخرُها هم وتأنيب ضمير وحياء مما يصدر منه حال سكره بلذة باقية في الآخرة فاعقد العزم و توكل على ربك و تذكر أجدادك أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أدمنوها سنين في الجاهلية و في الإسلام قبل تحريمها فلما نزل التحريم قالوا انتهينا انتهينا. إذا تركت المسكرات والمخدرات لله عوضك الله خيرا منها في الدنيا براحة البال وبعدم الشعور بالدنو حينما تخالط الناس عوضك الله خيرا منها في الدنيا بمصاحبة من كنت تحبهم وتتمنى مصاحبتهم لكن يحول بينك وبينهم ما تتعاطاه من المحرمات عوضك الله خيرا من ذلك بالدنيا بسعادة تضفي عليك وعلى أهل بيتك تنقشع بها غيوم النزاع والشقاق والخوف منك حينما تكون ثملا إن كان الكلام موجه لمن يتعاطى المسكرات والمخدرات فهو عام لكل من يتناول ما حرمه الله لذاته أو لكسبه فشارب الدخان مخاطب بذلك فهلا تركته لله لاسيما أننا على أبواب شهر رمضان فتجد فيه من الإعانة على ترك المحرمات ما لا تجده في غيره من الشهور من ترك النظر المحرم من النظر للنساء الأجنبيات و المحر من مقاطع الفديو والأفلام والصور المحرمة عوضه الله خيرا منها عوضه راحة في الدنيا عوضه الله رغبة في العبادة والمسارعة إليها روي عن حذيفة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه جل وعز إيمانا يجد حلاوته في قلبه» رواه الحاكم (4/314) وقال صحيح الإسناد واستدرك عليه الذهبي تصحيحه. إخوتي: لا نستقل أي عمل نتركه لله فقد يكون سبباً لسعادتنا فكم من عمل يسير يعمله الواحد منا أو يتركه لله يستصغره ولا يعده شيئا يكون سببا في سعادته الأخروية. ألم تدخل الجنةُ بسبب سقيا كلب عطشان ألم تدخل الجنةُ بتأخير غصن شوك عن طريق الناس. هل ترون إخوتي أن أحداً يترك محبوبا له لطلب مرضاة محبوبه الأعظم والأجل ثم ربه لا يكرمه على هذا الفعل ولا يرفع به درجاته أو يحط خطاياه لا والله فمن ترك شيئا لله عوضه خيرا منه فكان معه في الشدائد وأزال عنه الكروب ففي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- " خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، ...وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ ... " رواه البخاري (2215) ومسلم (2743). من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه فأدخله الجنة التي هي نهاية المطلب وغاية المقصد ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]. لنجاهد أنفسنا في ترك ما يتقرب به لربنا عز وجل ليعوضنا خيرا منه في الآخرة ولنستشعر التعبد أثناء ذلك فلا يكون الترك عبادة إلا بالنية. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/43088/#ixzz4etq8kePo.

Commentaires